بسم الله الرحمن الرحيم
(6)
وأحسن منه قول الله -جل وعلا-:
ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ [فصلت: 34].
4- أغن قلبك بالقناعة: فإن الحرص يسبب الفقر للقلب، ويحدث فيه فاقة
لا يسدّها شيء أبدًا، أما القناعة والرضى بما كتبه الله من الرزق؛ فيوجب
للقلب الغنى، ويولِّد فيه الطمأنينة والسكينة، وقد قال رسول الله -صلى الله
عليه وسلم- لأبي ذر:
{يا أبا ذر أترى كثرة
المال هو الغنى؟ قلت: نعم يا رسول الله! قال: فترى قلة المال هو الفقر؟
قلت: نعم يا رسول الله! قال: إنما الغنى غنى القلب، والفقر فقر القلب} [الراوي: أبو ذر الغفاري، المحدث: الألباني، صحيح الترغيب برقم: 3203].
والقناعة متى سكنت القلوب؛ أصابها الخير كله، وسلِمت من آفات الشح والحرص والبخل، وهي من أخطر الأمراض الفتاكة قال -تعالى-:
وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [التغابن: 16].
وعن جابر -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:
{واتقوا الشح، فإن الشح أهلك من كان قبلكم، حملهم على أن سفكوا دماءهم، واستحلوا محارمهم} [الراوي: جابر بن عبدالله، المحدث: مسلم، صحيح].
والشح: هو شدة الحرص.
ومن ينفق الأيام في جمع ماله *** مخافة فقر فالذي فعل الفقر
ولا تحسبن الفقر فقر من الغنى*** ولكن فقر الدين من أعظم الفقر
أخي الكريم: واعلم أن العناية بمقويات القلب وأسباب عافيته أكثر
من أن تحصر في هذا الكتاب، ولكن عليك بكثرة ذكر الله بعد أداء فرائضه؛ فإنه
أعظم عون لك على طهارة قلبك، فإنك إن داومت على ذكر الله تسبيحًا،
واستغفارًا، وتهليلاً، وتكبيرًا؛ وجدت أثر ذلك واضحًا على قلبك، فإن زدت
حرصًا على الصيام واجتنبت كثرة النوم والأكل والكلام والضحك؛ نلت عافية
قلبك وسلامته.
وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.