أخذت بناتي وذهبت أتسوق لهن مستلزمات يحتجنها ودلفنا للمركز التجاري وبعد وقت جلسنا جانبا على أحد كراسي المركز نشرب الشاهي والعصير وقطع من الخبز المحشوة بالجبنة بحجابنا السابغ .فمرت أمامنا طفلة رائعة الجمال لايتجاوز عمرها السابعة ترتدي زيا تقليديا لإحدى الدول وبيدها علبة اللبان تعرضها للبيع.كانت الساعة اقتربت من العاشرة مساء.

رفعت رأسي إليها وأجلسناها جانبنا فاستسلمت لي وجلست بجوارنا سريعا وبدأت أسألها بعد أن أعطيناها طعاما:

مااسمك؟

ضياء

كم عمرك ؟

ترددت ثم قالت 7 سنوات

مع من جئت؟

مع ابن خالتي وأخته

أين هو؟

في مركز تجاري آخر بالمنطقة

كم عمره؟

16 عاما

متى تحضرين هنا؟

من العصر

ومتى تعودين؟

الثانية عشر مساء

أين تسكنين؟

في شارع الستين

من يحضركم ويعيدكم؟

تاكسي

وتجلسين هنا بمفردك في انتظار ابن خالتك وأخته؟

نعم

أين أمك وأبوك ؟

في البيت

وتخيلت المسافة بين شارع الستين وشارع العزيزية وتخيلت الأزقة المخيفة في متاهات شارع الستين.

أخذت نوعا من مساكات الشعر وجمعت بها شعرها الأشقر الجميل المنسدل على وجهها ورفعته لها فلم تقاوم أبدا نظرت إليها وقلبي يتقطع لقد بدت أكثر جمالا عن ذي قبل.

عيناها تسرح بعيدا وهي تلتهم الطعام ورفضت الجلوس على الكرسي وجلست على الأرض مباشرة رغم إلحاحنا عليها . ونظرات بناتي وصوتهن مملوء بحزن كبير جدا وأسى.

ومازالت عيناها تسرح بعيد وهي صامتة .والخوف ينطق في كل أنحاء وجهها وألم دفين يفضح خوفا دفينا في القلب

ترى من ماذا؟

تحرش بل قد يكون اغتصاب ابن خالتها لها وهو يكبرها سنا أم أحد المتسوقين أم الباعة المتنوعين بين مواطنين ووافدين .

وهل تم هذا الأمر مرة واحدة أم تكرر؟

ورضاها بالجلوس معنا يعني أنها تعودت على ذلك ممن يظهر العطف عليها إذن ماهي النتيجة المتوقعة؟

ضياء :

أنت وأمثالك من الأطفال باعهم أهلهم باسم الفقر والعوز.

أنت وأمثالك ممن استغلهم أهلهم لاستدرار عطف الناس ليربحوا ريالات قليلة توضع في أيدي أم وأب يمارسان شهوة مباحة ثم يقذفون بالثمار لتعيش الحرام كل ليلة هناك في متاهات المراكز التجارية والشوارع إلى ساعات متأخرة من الليل وبالمجان.

أنت وأمثالك ضحية كفر بنعمة الله على نعمة الذرية التي يتنافس أهلكم للإكثار منها ليربحوا مالا وفيرا وحتى لو مات أحد منهم فلديهم غيره الكثير.

أنت وأمثالك ضحية أهل لايخافون الله وقد وصلت لأسماعهم القصص الكثيرة عن سرقة أمثالكم وقتلهم بدم بارد بعد قضاء شهوة شيطانية ثم إلقاءهم في مجاري دورات المياه أو مجاري السيول أو أي مكان قذر.

لقد أحرقت فؤادي ياضياء .

عدت ليلتها مع بناتي اللاتي أحافظ عليهن مع أخيهن لدرجة الوسوسة أحيانا فرغم أنهم قد كبروا إلا أني مازلت أتابعهم وأخرج معهم .

لقد أحرقت قلبي ياضياء وأنت وأمثالك وقود الفاحشة في بلادي وفي العالم.

لقد أحرقت قلبي والجميع يعلم ونتفرج ونتأوه.

أليس هناك حل جذري لهذه المصيبة التي تستجلب غضب الله في كل مكان فكيف بمكة؟!

لقد أحرقت قلبي خوفا عليكم وعلى بلادي وعلى العفة وعلى الفقر.

يارب لاتمنع عنا بذنوبنا فضلك ولا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا.

هي صرخة أرفعها بقوة لعل هناك من يتفاعل.

منقول